ولد في بغداد – محلة الشيخ بشار في دار جده لأمه – سنة 1908م ونشأ في رعاية والديه، نشأة صالحة، ولما شبّ عن الطوق درس الفقه والأصول على والده، ثم أخذ الخطابة...
الخطيب المرحوم الشيخ هادي الكربلائي
الفقيد في سطور
هو الشيخ هادي بن الشيخ صالح بن مهدي بن درويش، من بيت (عجام) الذي ينتسب إلى قبيلة (خفاجة).
ولد في بغداد – محلة الشيخ بشار في دار جده لأمه – سنة 1908م ونشأ في رعاية والديه، نشأة صالحة، ولما شبّ عن الطوق درس الفقه والأصول على والده، ثم أخذ الخطابة، وتتلمذ على خطيب كربلاء الشيخ محسن أبو الحب، المتوفى سنة 1369هـ، ودخل مدرسة الصدر الأعظم، والمدرسة الزينبية.. فدرس عند الشيخ محمد الخطيب العربية وعلوم الدين، وقرأ شرح القطر وألفية ابن مالك على الشيخ محمد العماري بمدرسة العلامة الخطيب الرسمية، حذق العربية وبرع في فنونها، ونظم القريض فبرع فيه، وتفوق في مضمار الخطابة، وسمت منزلته لدى العام والخاص، حتى أصبح في طليعة المجلِّين في هذه الحلبة ، ومن اللامعين والسبّاقين في هذا الميدان.
كان يجتذب إليه أسماع جمهور كبير من المستمعين، فصارت له مجالس مهمة ومتعددة في المدينة، كلف بالشعر منذ مطلع شبابه، وسال طبعه كالماء المتدفق، فنظم القصائد والمقطوعات في الفصحى والعامية، يضمّها ديوان كبير – يقع في جزءين – ومعظم أشعاره في مدح ورثاء آل البيت (عليهم السلام)، كما احتوت على مدح ورثاء شخصيات عراقية مشهورة وله عدا ذلك في مناسبات الأفراح والأحزان وما هو مدون على جدران المتاجر والمعاهد والحسينيات.
والشيخ هادي لطيف المعشر، عذب المؤانسة، حلو المجالسة، يريك سحر البيان حلالاً، ولا يملّ الحاضر مجلسه. لقد شق طريقه بأسلوب هادئ وأداء رائع، وليست هذه السنون التي سلخها في خدمة الخطابة، إلا دلالة أكيدة على صبره وجلده وقوة إرادته ، من أجل أن يتلمّس ناصية المجد وطريق العزة والكرامة.
أخيراً اخترمته يد المنون العاتية واستحوذ عليه سلطان الموت ليلة يوم الأحد 4/1/1992م سلخ جمادي الآخرة 1412هـ وجرى له تشييع مهيب حضره العلماء والأدباء، والشعراء والخطباء وجماهير غفيرة من أهالي المدينة، فشيِّع من داره بمحلة باب بغداد ثم إلى الروضتين المقدستين، وبعد ذلك انطلق موكب التشييع إلى مثواه الأخير في وادي كربلاء.
واحتفاءً بذكرى رحيل فقيدنا الغالي، آثرنا أن نقدم ثمرات قرائح الأدباء والشعراء إلى المعنيين بالدراسات الأدبية من المثقفين والدارسين، راجين أن نكون قد وفقنا فيما نصبوا إليه من خدمة تراثنا العربي والإسلامي، والله هو المستعان.