السيرة المختصرة جداً للامام علي عليه السلام
الإمام علي عليه السلام
الإمام الأوّل
هو علي بن أبي طالب ، وأمه فاطمة بنت أسد، ابن عم رسول الله وزوج ابنته والخليفة على الناس من بعده، أمير المؤمنين، ووالد الأئمة المعصومين .
ولد في الكعبة المعظمة بمكة يوم الجمعة ليلة الثالث عشر من رجب بعد ثلاثين سنة من ولادة رسول الله واستشهد ليلة الجمعة في مسجد الكوفة في المحراب، بسيف ابن ملجم (لعنه الله)، ليلة التاسع عشر من شهر رمضان المبارك ولحق بالرفيق الأعلى بعد ثلاثة أيام من ضربه، وعمره الشريف ثلاث وستون سنة، قام بتجهيزه الإمامان الحسن والحسين ودفن في النجف الأشرف حيث مرقده الآن.
وله من الفضائل والمناقب ما لا يحصى، فقد كان أول من آمن برسول الله ولم يسجد لصنم قط، وكان النصر معقوداً برايته في جميع الحروب، لم يفر قط، وقد بلغ من حسن قضاءه، أنه قال رسول الله فيه: «اقضاكم علي» ومن كثرة علمه قال فيه: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» ومن ملازمته للحق قال فيه: (علي مع الحق والحق مع علي).
وكان عادلاً في الرعية، قاسماً بالسوية، زاهداً في حطام الدنيا، فكان يأتي إلى بيت المال، وينظر إلى الذهب والفضة، ويقول: «يا صفراء ويا بيضاء غري غيري» ثم يفرقها على الناس، يرحم المسكين ويجالس الفقراء، ويقضي الحوائج، ويتكلم بالحق ويقضي بالعدل...
وبالجملة: هو كالنبي في جميع الصفات، حتى جعله الله تعالى ـ في آية المباهلة ـ: نفس النبي .
في مآثر علي أمير المؤمنين (ع) وفضائله ونبذ من أحواله في إسلامه وهجرته (ع) وغيرهما
أسلم وهو ابن عشر سنين، وقيل: تسع، وقيل: ثمان، وقيل: دون ذلك قديماً، بل قال ابن عباس وأنس وزيد بن أرقم وسلمان الفارسي وجماعة: إنّه أوّل من أسلم، ونقل بعضهم الإجماع عليه، ونقل أبو يعلى عنه قال: بُعث رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يوم الاثنين وأسلمت يوم الثلاثاء.
في فضائله (ع)
وهي كثيرة عظيمة شهيرة، حتّى قال أحمد: ما جاء لأحد من الفضائل مثل ما جاء لعليّ.
أخرج الطبراني بسند حسن، عن أم سلمة، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أحبّ علياً فقد أحبّني، ومن أحبّني فقد أحبّ الله، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله».
في ثناء الصحابة والسلف (ع)
أخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب: عليّ أقضانا.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال: أقضى أهل المدينة عليّ.
وأخرج عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر بن الخطّاب يتعوّذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن ـ يعني علياً .
وأخرج عنه قال: لم يكن أحد من الصحابة يقول سلوني إلاّ عليّ.
وأخرج ابن عساكر عن ابن مسعود قال: افرض أهل المدينة وأقضاها عليّ وذكر عند عائشة فقالت: إنه أعلم من بقي في السنة.
في نبذ من كراماته وقضاياه وكلماته الدالة على علوّ قدره (ع)
علماً وحكمةً وزهداً ومعرفةً بالله تعالى
ومن كراماته الباهرة: أن الشمس ردت عليه لما كان رأس النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في حجره والوحي ينزل عليه وعليّ لم يصلّ العصر، فما سرى عنه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلاّ وقد غربت الشمس، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس، فطلعت بعد ما غربت.
ومن كلامه (ع)
الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.
الناس برؤسائهم أشبه منهم بآبائهم.
لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً.
ما هلك امرىء عرف قدره.
قيمة كل امرؤ ما يحسنه.
من عرف نفسه فقد عرف ربّه.
( كذا نسب إليه، والمشهور أنه من كلام يحي بن معاذ الرازي).
المرء مخبوءٌ تحت لسانه.
من عذب لسانه كثر إخوانه.
بالبر يستعبد الحر.
بشّر مال البخيل بحادث أو وارث.
لا تنظر الذي قال وانظر إلى ما قاله.
الجزع عند البلاء تمام المحنة.
لا ظفر مع البغي.
لا ثناء مع الكبر.
لا صحة مع النهم والتخم.
لا شرف مع سوء الأدب.
لا راحة مع الحسد.
لا سؤدد مع الانتقام.
لا صواب مع ترك المشورة.
في وفاته (ع)
سببها أنه لما طال النزاع بينه بين معاوية([1]) انتدب ثلاثة نفر من الخوارج: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والبرْك، وعمرو التميمي، فاجتمعوا بمكة وتعاهدوا أو تعاقدوا ليقتلنَّ هؤلاء الثلاثة: عليّاً ومعاوية وعمرو بن العاص ويريحوا العبادَ منهم، فقال ابن ملجم: أنا لكم بعلي، وقال البرك: أنا لكم بمعاوية، وقال عمرو: وأنا لكم بعمرو، وتعاهدوا على أن ذلك يكون ليلة حادي عشر أو ليلة سابع عشر[2]رمضان، ثم توجه كل منهم إلى مصر صاحبه، فقدم ابن ملجم الكوفة فلقي أصحابه من الخوارج فكاتمهم من يريد ووافقه منهم شبيب بن عجزة الأشجعي وغيره، فلما كانت ليلة الجمعة سابع عشر رمضان سنة أربعين استيقظ عليّ سحراً وقال لابنه الحسن: رأيت اللّيلة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت: يا رسول الله ما لقيت من أمتك خيراً، فقال لي: ادعُ الله عليهم، فقلت: اللهم أبدلني بهم خيراً لي منهم وأبدلهم بي شراً لهم منّي.
وأقبل عليه الأوز يصحن في وجهه فطردوهن، فقال دعوهنّ فإنهنّ نوائح، ودخل عليه المؤذن فقال: الصلاة، فخرج على الباب ينادي: أيها الناس الصلاة الصلاة، فشد عليه شبيب فضربه بالسيف[3] فوقع سيفه بالباب وضربه ابن ملجم بسيفه فأصاب جبهته إلى قرنه، ووصل دماغه، وهرب، فشبيب دخل منزله فدخل عليه رجل من بني أمية فقتله.
وأما ابن ملجم فشدّ عليه الناس من كل جانب، فلحقه رجل من همدان فطرح عليه قطيفه ثم صرعه وأخذ السيف منه وجاء به إلى علي فنظر إليه وقال[4]النفس بالنفس، إذا ما متّ فاقتلوه كما قتلني وإن سلمت رأيت فيه رأيي.
وفي رواية: والجروح قصاص فأمسك وأوثق.
وأقام علي الجمعة والسبت وتوفّي ليلة الأحد، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر ومحمد بن الحنفية يصبّ الماء، وكفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص، وصلّى عليه الحسن وكبر عليه سبعاً، ودفن بدار الإمارة بالكوفة ليلاً، أو بالغري[5] موضع يزار الآن، أو بين منزله والجامع الأعظم.
أقول: ثم قطعت أطراف ابن ملجم وجعل[6] في قوصرة وأحرقوه بالنار.
وقيل: بل أمر الحسن بضرب عنقه ثم حرقت جيفته أم الهيثم بنت الأسود النخعية، وكان علي في شهر رمضان الذي قتل فيه يفطر ليلةً عند الحسن وليلةً عند الحسين وليلةً عند عبد الله بن جعفر، ولا يزيد على ثلاث لقم ويقول: أحب أن ألقى الله وأنا خميص.
فلمّا كانت الليلة التي قتل في صبيحتها أكثر الخروج والنظر إلى السماء وجعل يقول: والله ما كَذِبْتُ ولا كُذّبْتُ وإنها الليلة التي وعدتُ، فلمّا خرج وقت السحر ضربه ابن ملجم الضربة الموعود بها كما قدمنا في أحاديث فضائله. وعُمِّي قبر علي لئلا ينبشه الخوارج.
وقال شريك: نقله ابنه الحسن إلى المدينة.
وأخرج ابن عساكر: أنه لمّا قُتل حملوه ليدفنون مع رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فبينما هم في مسيرهم ليلاً إذ ندَّ الجمل الذي عليه فلم يدرِ أين يذهب ولم يقدر عليه فلذلك يقول جماعة هو في السحاب، وقال غيره: إن البعير وقع في بلاد طيء فأخذوه ودفنوه[7]
وكان لعلي حين دُفن ثلاث وستّون سنة([8]). وقيل: أربع وستون. وقيل: خمس وستّون، وقيل: سبع وخمسون، وقيل: ثمان وخمسون.
وسُئل وهو على المنبر بالكوفة عن قوله تعالى: (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدَّلوا تبديلا) [9] فقال: اللهم غفراً هذه الآية نزلت فيّ وفي عمّي حمزة، وفي ابن عبيدة بن الحرث بن عبد المطّلب، فأما عبيدة فقضى نحبه شهيداً يوم بدر، وحمزة قضى نحبه شهيداً يوم أحد، وأما أنا فأنتظر أشقاها يخضب هذه من هذه، وأشار بيده على لحيته ورأسه، عهد عهده إلىّ حبيبي أبي القاسم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
ولما أصيب دعا الحسن والحسين فقال لهما: أوصيكما بتقوى الله، ولا تبغيا الدنيا وإن بغتكما، ولا تبكيا على شيء زوي منها عنكما، وقولا الحقّ، وارحما اليتيم، وأعينا الضعيف، واصنعا للآخرة، وكونا للظالم خصماً، وللمظلوم أنصاراً، واعملا لله ولا تأخذكما في الله لومة لائم.
ثمّ نظر إلى ولده محمد بن الحنفية فقال له: هل حفظت ما أوصيت به أخويك؟ قال: نعم، فقال: أوصيك بمثله، وأوصيك بتوقير أخويك لعظم حقّهما عليك، ولا تواثق أمراً دونهما.
ثمّ قال: أوصيكما به فإنّه أخوكما وابن أبيكما، وقد علمتما أنّ أباكما كان يحبّه.
ثمّ لم ينطق إلاّ بلا إله إلا الله إلى أن قبض كرّم الله وجهه.
وروي: أنّ علياً جاءه ابن ملجم يستحمله فحمله ثم قال:
أريــــد حياتــه ويريد قتلي **** عَذيرك من خليلك من مـــــراد
ثم قال: هذا والله قاتلي، فقيل له: ألا تقتله؟ فقال: فمن يقتلني؟
وفي المستدرك عن السدّي قال: كان ابن ملجم عشق امرأة من الخوارج يقال لها قطام فنكحها وأصدقها ثلاثة آلاف درهم وقتل علي، وفي ذلك يقول الفرزدق:
فلم أرى مهراً ساقه ذو سماحــــة **** كمــــــهرٍ قـطامٍ بيِّن غير معجم
وفي رواية: من فصيح أعجم.
ثــــــلاثة آلاف وعــــــبد وقـــينـه **** وضرب علي بالحسام المصمـم
فـلا مهر أغلى من علي وإن غلا **** ولا فتك إلا دون فتك ابـن ملجم