وهـج الـقباب أم الـمصير الـمُتعبُ ... ذاك الـذي لكِ شدّني يا يثربُ
فـأتيت أرفـل فـي الـشقاء يـزفّني ... ما بين أشباح المتاهة موكب
تـتـسكع الآهــات بـين جـوانحي ... والأبـجدية فـي دمـائي تـنحب
وأجـنّـة الأحــلام حـين تـهزّها ... نـجواك يـرعش روحـها الـمتكهرِب
أتـرى الـنخيل الـيثربية لـم تـزل ... تـلك الـتي تـلد الشموخ وتُنجب
أم شـكَّها سـهم الـزمان فأينعت ... جرحاً به المستضعفون تخضَّبوا
وأتـوكِ مـن حـيث الـرجولة لـم يـزل ... تأريخها بدم الكرامة يشخب
يـتلمسون ثـمالة الأمـل الـذي ... كـانت عـلى يده الجراحة تُخصِب
يــا طـيـبة الـنصر الـمنوَّر مـا لـوى ... أبـطاله عـبر الـمجاهل غـيهب
فـإذا الـسماء تـصبُّ فـي خـلجاتهم ... حُـلُم الـنبوة جـامحاً يـتلَهَّب
حـتى إذا صـقلوا تُـرابك وازدهـت ... مـمّا تـناثر مـن سـناه الأحـقب
وقـفوا عـلى حـدّ الـرماح مـنائراً ... تـمتدّ فـي اُفـق الحياة فيُعشب
يـا طـيبة الـنصر الـذي فـي شـوطه ... أفنى فُتوته النضال الأشيب
وتـنـفَّست عـبق الـفتوح رسـالة ... فـيها تـصاهرت الـسماء ويـعربُ
وافـتْـكِ يـرتـجل الـصـلابة سـاعـد ... مـنـها ويـبتكر الـعزيمة مـنكبُ
ومُـذ اقـتحمت بها الحياةَ على خطى ... طه يشدُّكِ للفلاح ويجذب
شـحذ الـفداء يـراعَهُ بـكِ وانـبرى ... يـسقيه من حبر الخلود ويكتبُ
حـتـى إذا يـوم الاخـاء تـفصَّمت ... حـلقاته وسـطت عـليه الـعقرب
نسيَتْ جوامحك العتاق نفيرها ... وانهار في دمكِ الصهيل الأشهب
وبـقـيت لـلأجـيال نـبـعَ صـبـابة ... مــا عــاد كـوثـره يـفـور ويـغـضب
ورَنــت تـطـالعُك الـدهـور فـراعـها ... فـتح بـماضيك الـمجيد مُـعلَّب
هـرّبـتهِ طـيـفاً بـذاكـرة الـمُـنى ... يـزهـو وهـيـهات الـفـتوح تُـهَـرَّب
نـسـل الـغبار عـليه ألـفَ قـبيلة ... راحـت تـنازعه الـبريق وتـسلب
ويـداك لا شـمس تـغالب فـيهما ... عـصف الشتاء الجاهلي فتغلب
مُـدِّيهما نـحو الـوراء وسـلسلي ... يـومَ الاخـاء ولملمي ما يسكب
وتـحـضّـني أرواحــنـا بـصـفـائه ... يـهـتزّ نـبـض حـيـاتنا الـمُـتَخَشِّب
فـسنصهر الاُفـق الـبعيد على لظى ... عزماتنا حتى يذوب الكوكب
وسـنـكنس الـتاريخ مـمّا اسـندت ... فـيه الـذئاب ومـا رواه الـثعلب
ونُـقـشِّر الـحـق الـمُـغَلَّف بـالدجى ... حـتى يـشعّ لُـبابه الـمُتَلَهِّب
ونـعـود نـفـترع الـنـجوم وحـسـبنا ... فـيـما نـؤمل ان مـتنك مـركب