سل أربعاً فطمت أكنافها السحـبُ*عن ساكنيها متـى عن اُفقها غـربوا
سرعان ما صاح طير البين بينهم * فاصبحوا فرقاً عن عقرها عزبوا
سرت تجوب الفيافي فيهم النجب*ولي فؤاد قفا آثارهم يجب
اتبعتهم ناظراً خيل الدموع به*تسابقت فهو دامي الغرب مختضب
أضحت منازلهم للوحش معتكفاً*فيهن طير الفنا ينعى وينتحب
لم يبق منها سوى رسم وذي شعث*رأى اشج علت من فوقه الكثب
وذي انحناء كجسم الصب تحسبه*نوناً بها عجم شين الخط قد كتبوا
أوهت قواعدها كف الضنا فعفت*آثارها ومحت سيماءه النوب
وقفت فيها ودمع العين منسكب*كالغيث والنار في الاحشاء تلتهب
وبي لواعج وجد لو رميت بها*صدر الفضاضاق وهو الواسع الرحب
حيران اقبض في رعش البنان حشاً*حرى اناخت بها الاحزان والكرب
وقائلٍ لـي رفّـه عـن حـشــاك ولي * وجدٌ إذا مـا نـزا بالقلــــب يضطرب
فقلت لـم يشجني نـأي الخلـيــط ولا * ربع محت رسمـه الأعــــوام والحقب
لكـن أذاب فـؤادي حــادث جـــللٌ * تُنمى إليـه الـرزايا حيــــت تنتسـب
يوم قضـى المصطفى فـي صحبــه و * على الأعقاب من بعده أصحابـــه انقلبوا
قادوا أخـاه ورضّـوا ضلـع بضعتــهِ * بجورهم ولها البغضـاء قـد نصبـــوا
لـم أنسهـا وهـي تـنعـاه وتــندبـه * وقلبـهـا بـيـد الأزراء ملتـهــــب
تقول : يا والدي ضــاق الفضاء بنــا * لمّا مضيـتَ وحالـت دونـك التـــرب
( قد كـان بعـدك أنبــاء وهنبـثــة * لو كنتَ شاهد هالم تكثـر الخطــــب )
( إنّـا فقدنـاك فقد الأرض وابلـهـــا * واختلّ قومك فاشهدهـم فقد نكـــبـوا )
نفـوا أخـاك عليـاً عـن خلافـــتـه * وشيـخ تيـم عنـاداً منهـم نصبــــوا
كقوم موسى اطاعوا العجل واعتزلوا هارون والسامري الرجس قد صحبوا
ويـل لهـم نبـذوا القـرآن خلفــهــم * ومزّقـوه عنـاداً بئس مـا ارتكبــــوا
مــا راقبــوا غضـب الجـبّــار حيــن إلـى المختـار أحمـد قول الهجـر قد نسبـوا
الغوا وصاياه فـي أهليـه وانتــهـبـوا * ميراثـه وإلـى حرمـانهـم وثـــبـوا
جاروا علـى ابنتـه من بعده فـغــدت * عبـرى النواظـر حزناً دمعها ســـرب
وجرّعوها خطوباً لو وقــعــن علـى * صم الجبال لأضحت وهي تضـطـــرب
أبضعة الطهر طـه نصــب أعيـنهـم * بالباب يعصرها الطاغي وما غضـبـــوا
رضّوا أضالعهــا أجـروا مدامعهـــا * أدمـوا نواظرهـا ميراثهـا غصـبـــوا
لبيتها وهي حسرى في معاصمها*عدوا فلاذت وراء الباب تحتجب
فألموا عضديها في سياطهم*واسقطوا حملها والمرتضى سحبوا
قادوه بالحبل قهراً وهي خلفهم*تدعو وادمعها كالغيث ينسكب
ياقوم خلوا ابن عمي قبل ان*تقع الخضراء فوق الثرى والكون ينقلب
فقنعوها بقرع الأصبحية لا عداهموا سخط الجبار والغضب
ووشحوا متنها بالسوط فانكفأت لدارها وحشاها ملؤه عطب
حرى الفؤاد يروي الارض مدمعها فكلما سال هذا ذاك يلتهب
قد حارب النوم عينيها وانحلها*فرط البكاء واضنى جسمها التعب
ما بارحت قلبها الاحزان ذات حشاً*حرى إلى ان اهيلت فوقها الترب
قضت وفي جنبها اثر السياط وفي*فؤادها للرزايا جحفل لجب
ما شيعوا نعشها السامي علا ولقد*تزاحمت خلفها الاملاك تنتحب
سلوا ضبا الظلم من اغمادها فغدا*في حدها سبط طه الطهر يعتصب
ثا وبحر هجير الشمس منجدلا*تظلها السمر والهندية القضب
جالت عليه العوادي بعد ما نهبت*اشلاءه البيض والعسالة السلب
يا ثاوياً بمحاني الطف قد سلبوا*ثيابه وكست جثمانه الكثب
"تالله ما سيف شمر نال منك ولا*يدا سنان وان جل الذي ارتكبوا"
"لولا الأولى اغضبوا رب العلى وابوا*نص الولاء وحق المرتضى غصبوا"
"كف بها امك الزهراء قد ضربوا*هي التي اختك الحورا بها سلبوا"
فدونكم يا بني الزهراء مرثية*ان تتل شجواً فقلب الصخر ينشعب
ارجو خلاصي بها في يوم لا سبب*يغني سواكم ولا مال ولا حسب
عليـكم صلـوات الله مـا طلـعت*في الافق شمس ولاحت انجم شهب